رغم بشاعة هذا الوباء الذي سجل لحد الآن أكثر من مليون إصابة في العالم، و48578 حالة وفاة، إلا أن حالات الشفاء وصلت ل 203011، وهو ضعف حالات الوفاة اكثر من اربع مرات، وبات أصحابها يحظون بمناعة “زكر”، بل أكثر من ذلك نجح علماء في إنتاج علاج من خلاياهم الدموية اثبت نجاحه حسب ما توصل إليه باحثون في أحد المستشفيات بإيطاليا.
لا يزال العلم عاجزا أمام هذا الكائن الذي لايرى بلعين المجردة، لكن هذه الجائحة سجلت أرباحا على المستوى الإجتماعي، والنظرة للبشر في أي مكان، لأن عدوهم بات واحدا.
و أنهم ليسوا أرقاما في الدول، وإنما الانسان أينما كان كما قال علي بن أبي طالب إن لم يكن أخا لك في الدين فهو نظيرك في الخلق.
ورغم ما يحيط بهذه الجائحة عن التهويل بسبب سرعة الانتشار، إلا أن الانفلونزا العادية قتلت قرابة 153 ألف إنسان منذ بداية السنة الحالية في حين حصد كوفيد19 ثلاثين ألف وفاة في أوروبا نالت منها إيطاليا النصيب الأكبر بقرابة 14 ألف حالة وفاة.
ولا تزال قارتنا السمراء بأشعة شمسها الحارقة هي الأقل تضررا من كورونا، رغم أنها تعيش أوبئة اخرى تحصد عشرات آلاف الأرواح يوميا ولا بواكي لها.
ما جعل نسبة الوفيات مرتفعة في بعض الدول كإيطاليا هو أن التحاليل المخبرية كانت تستهدف المرضى المحتملين الذين تظهر عليهم أعراض الوباء المعتادة، وهؤلاء غالبا ما يصلون إلى المستشفيات بعد تليف الرئتين ووصول الإصابة لمرحلة متقدمة، قبل أن يتأكد بأن الفحوصات المكثفة والعاجلة والمستمرة هي الأولوية.
فرنسا وقعت في الخطأ نفسه وركزت في البدء فقط على أسرة الإنعاش عوض التركيز على إجراء الفحوصات بالموازاة، والنتيجة أنها أصبحت تصدر مرضاها إلى مستشفيات ألمانيا التي يجري أطباؤها 500 ألف فحص أسبوعيا، مما جعل ألمانيا، رغم احتلالها المركز الرابع عالمياً من حيث عدد الإصابات بفيروس كورونا، إلا أن عدد الوفيات عندها مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى لا يزال منخفضاً.
ورغم حصولنا على اجهزة تالفة من الصين التي قدمت لنا الكثير في مجال الصحة مؤخرا خاصة تسليم بعض المنشآت الصحية المجهزة، إلا أن الفحوصات هي الطريقة الوحيدة التي تغلبت بها بعض الدول ككوريا الجنوبية على العدوى وسارت على نهجها ألمانيا رغم أنها تملك خمسة وعشرين ألف سرير مجهز بأجهزة تنفس صناعي في أقسام العناية المركزة.
النموذج الفرنسي في مواجهة كورونا أثبت فشله، فيما النموذج الألماني أثبت نجاحه.
من الأحداث المبهجة عودة قرابة 20 ألف طبيب متقاعد للعمل في بريطانيا، ومثلهم في الدول الأكثر تضررا من الوباء، وبدأت الطواقم الطبية في حالة استعداد وتضحية، ورغم الخطورة التي يواجهونها إلا أنهم عادوا للخدمة تماما كما يفعل جيش الاحتياط، بوصفهم الخط الأمامي في المعركة اليوم.
لقد سجلت هذه الجائحة تضامنا اجتماعيا واسعا من الحكومات تجاه الشعب –وإن كان بعضها لا يزال في الصناديق- رغم حزمة الاجراءات المتبعة بشكل مدروس حتى تكون ذات وقع مستمر واكثر نجاعة حسب ما يقول المسؤولون هنا.
أرباح كورونا تقدر بمئات مليارات من اليوروات كذلك –لمن ليس لهم ضمير- وهي عبارة عن استرجاع الخزينة العامة في دول كإٍسبانيا وإيطاليا وفرنسا لعشرات آلاف الرواتب التقاعدية لوفيات كورونا اللذين اغلبهم مسنون .
لقد بات الأطباء من مسلمين وعرب وافارقة يقدمون خدمات جليلة في المستشفيات الأوروبية، وباتت الصين تقدم المساعدات للدول الأوربية، حيث أنزل علم الاتحاد الأوروبي من إحدى الساحات في لمبارديا الموبوءة في إيطاليا ووضع مكانه علم الصين، في إشارة لتخلي الاتحاد الأوروبي عن قدم أوروبا النازف وإحدى أهم الدول المؤسسة لها.
كما تحولت الشركة المالكة لبيجو وشيتروين لصناعة السيارات في فرنسا مؤقتا لإنتاج أجهزة التنفس، وبأسعار تفضيلية، وأغلبها يمنح مجانا كمساعدات.
وخصصت جورج آرماني أكبر دور الأزياء في إيطاليا ورشاتها لصناعة الكمامات والملابس الوقائية، وكذلك فعلت دار أزياء جوتشي للمساهمة في جهود مكافحة المرض.
تحضرنا في هذه الفاجعة مقول الزعيم الكوبي فيدل كاسترو لرئيس فنزويلا البوليفارية الغنية بالنفط عند حصار كوبا” امنحني نفطا وامنحك أطباء”، لقد كانت كوبا المحاصرة من امريكا تستثمر في الإنسان، واصبحت الجزيرة المعزولة حينها رائدة في مجال الطب.
وفي أوج حالة الطوارئ الصحية المعلنة في البلاد على غرار باقي بلدان العالم تستذكر الإنسانية الكثير من القيم التي كانت قد تركتها على قارعة الطريق.