المستعرضمقابلات

ولد الفيلالي: المديونية تؤثر على برامج الحكومة رغم توفر شروط إلغائها(حوار)

رؤيا بوست: قال الخبير الاقتصادي الموريتاني المقيم في بريطانيا يسلم ولد الفيلالي بأن المديونية تؤثر على برامج الحكومة الموريتانية كالعديد من البلدان النامية في العالم وافريقيا خاصة في المجال الاجتماعي، كما أنها تعتبر معطلا لعجلة النمو والدورة الاقتصادية في البلد.

وأكد في حوار مع رؤيا بوست أن الدولة الموريتانية-حسب صندوق النقد الدولي-تتوفر فيها الشروط لإلغاء المديونية، كما  أن الحكومة جادة في هذا المسار.

وعبر عن خشيته من انعكاسات عدم استثمار ارتفاع مؤشر دورة الديون، وعدم خلق ديناميكية اقتصادية يمكنها أن تواكب التطورات الديموغرافية وحاجيات السكان.

وتحدث عن انعكاسات المديونية المتراكمة ومدى تجاوب الشمال الغني مع الجنوب الفقير في عملية المطالبة بإ لغاء الديون التي تلح البلدان الأفريقية عليها بعد موجة الوباء التي أثرت على اقتصاديات الدول بشكل عام.

حوار

رؤيا بوست: تعاني موريتانيا كالعديد من البلدان النامية من آثار المديونية فما ما مدى تأثير هذا الدين على الدورة الإقتصادية ؟

ولد الفيلالي: تعتمد موريتانيا على الخارج لتلبية إحتياجاتها الأساسية و ذلك (لضعف الإنتاج و الإنتاجية) و بالتالي الإستهلاك العام و الخاص يحتاج في النهاية للعملة الصعبة و التي تعجز صادراتنا عن توفير ما يكفي منها.

و بالتالي ننضطر إلى السلفة و المعونة لسد الفجوة.
وبشكل دوري عودنا الإقتصاد الوطني على أنه في بداية دورة الديون يرتفع الإنفاق العام و ينتعش الإستهلاك و يزداد الدخل و يكثر الشراء من الخارج (بسبب توفر العملة الصعبة أو الدين). و في نهاية دورة الديون-التي نعيشها حالياً- يحصل العكس، حيث ترتفع أعباء الديون و يقل الإنفاق، لأن نسبة الدخل الموجة إلى الإنفاق تقل (بسبب عبء الدين) .

و هكذا تعودنا على غياب الإنتاج و الإستهلاك المدعوم بالدين..

زيادة على الأرواح و المأساة الإجتماعية التي خلفتها الجائحة، أدى وباء كوفيد-19 إلى إختلالات في الأسواق و إنهيار في العائدات الضريبية و وإضطرابات في سعر الصرف، و التضخم المستورد، وتتواجد موريتانيا في نهاية دورة الديون الراجعة أساسا إلى ديناميكية الإنفاق الجاري و التي جعلت العجز قاعدة.

رسم بياني يوضح مسار الدين العام بموريتانيا

رؤيا بوست: كيف نظر لجهود الحكومة في الوفاء بشروط إلغاء الدين العام، والتي طالب بها رئيس الجمهورية في عدة مؤتمرات دولية؟

ولد الفيلالي: الوقت و السياق  مناسبين لوضع الدين العام في الأجندة الدبلوماسية و محاولة شطب الديون و بناء إستراتيجية مستقبلية مبنية على الإنتاج و تصحيح خلل ميزان المدفوعات.

بمعنى أن زيادة السيادة الغذائية ولو قليلاً، الطاقة المتجددة و النقل العمومي لتقليل الحاجة للمحروقات أو توجيهها نحو قطاعات أكثر قيمة مضافة.

رؤيا بوست: بكم يقدر حجم هذا الدين وكيف يتأثر به الإنفاق العام وبرامج الحكومة؟

ولد الفيلالي: سيصل الدين العام بما في ذلك ديون دولة الكويت لقرابة 6 مليار

دولار في نهاية هذه السنة 2021 (حسب بعض التقديرات)، و لكن كما ذكرت فالمديونية تصاحبها عقبات لطالما مثلت فخا لموريتانيا.

رؤيا بوست: هل يمكن أن تقدم لنا تفصيلا أو توضحا لتلك العقبات؟

ولد الفيلالي: من أبرز تلك العقبات التدخل المستمر من قبل المؤسسات الدولية في رسم السياسات الاقتصادية، والوقوف أمام الحرية في اختيارها، لأن المعونات و القروض الميسرة غالبا ما يصاحبها الالتزام ببعض السياسات الاقتصادية والاجتماعية المشروطة، و التي تفتقد النظرة الوطنية و البعد الإستراتيجي.

فقد سلبنا تلك السيادة النقدية، و جعلت  الأوقية تستمد قوتها من قدرة الإقتصاد الموريتاني على كسب العملة الصعبة لتمويل الإحتياجات الأساسية، مثل الأدوية، الأغذية و المعرفة الإنتاجية.

رؤيا بوست: هل ترى بأن الجهود الحكومية ستمثر في إقناع الشركاء بألغاء المديونية التي أرهقت الاقتصاد؟

ولد الفيلالي: كما قلت سلفا يبدو أن الحكومة جادة في هذا المنحى، وقامت بجهود حثيثة للوفاء بالشروط، إلا أنه من المشجع كذلك أن هناك تحركات دولية نحو شطب جزء من الديون عن الدول الفقيرة مثل موريتانيا و زيادة حق السحب من  صندوق النقد الدولي بنسبة٪100 و إعارة حقوق السحب من الأعضاء الغنية إلى الفقيرة التي تنقصها السيولة.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل سنعود إلى نفس الديناميكية التي جعلتنا نتحرك بين إفلاس و إفلاس؟ فعدد السكان في ازدياد، و آلاف الشباب يدخلون سوق العمل سنوياً بوتيرة متزايد لا تصاحبها الظروف الملائمة، كما أن البنى التحتية المدرسية لا تواكب حركة الهرم  السكاني، والتحديات كثيرة أمام الحكومة.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى