
حرّية التعبير في موريتانيا مضمونة ما دامت تُمارَس بما يحفظ النظام العام، غير أنّ نشر أخبار كاذبة أو مضلِّلة عن الكوارث المتوقعة—ومنها التنبؤات بالأعاصير والفيضانات—يدخل في نطاق التجريم إذا كان من شأنه إثارة الذعر أو الإخلال بالسكينة أو استدعاء تدخلٍ عبثي. يقرّر قانون مكافحة التلاعب بالمعلومات رقم 2020-015 أحكاماً صريحة: فـ«كل من يَشيع عبر الإنترنت معلومات مُضلِّلة أو أخباراً زائفة» يُعاقَب بالحبس من 3 أشهر إلى سنة وبغرامة من 50.000 إلى 100.000 أوقية جديدة، مع تشديد جزائي على الأشخاص المعنويين (المادة 3). كما يُعاقِب نشر «أخبار زائفة» تُربك السكينة العامة أو تُعرِّضها للاضطراب بالحبس من سنتين إلى أربع سنوات وغرامة من 50.000 إلى 200.000 أوقية جديدة، ويشمل ذلك إعادة النشر بأي وسيلة (المادة 5). ويُجرِّم «التركيب» أو نشر مواد مُفبركة بقصد الإضرار بسمعة الأشخاص (المادة 7). ويُعاقِب «التبليغ الكاذب» الذي يُوهم بقرب وقوع تدمير أو كارثة خطيرة أو نقصٍ مُحدِثٍ للذعر بالحبس من سنة إلى سنتين وغرامة من 60.000 إلى 120.000 أوقية جديدة، ويُلحق به أيضاً تعمُّد الإيهام بوقوع «كارثة/حادث» يستدعي تدخلاً لا طائل منه (المادتان 8 و9). كما يتيح للقاضي—خلال الفترات الانتخابية—إصدار أوامر استعجالية لوقف بث معلومات كاذبة قد تُفسد سلامة الاقتراع، بما يعكس حساسية المشرّع لآثار الأخبار الزائفة على النظام العام (المادة 11).
في جانب تنظيم الاتصالات وقت الخطر، أعاد المرسوم رقم 2023-142 هيكلة منظومة الاستجابة للكوارث وأقرّ «خطة تنظيم الاستجابة للأمن المدني» على المستويين الوطني و على مستوى الولايات، ونصّ صراحةً على أنه في حال وجود خطر كبير أو تفعيل هذه الخطة يَتعيّن على خدمات الإذاعة والاتصالات بث رسائل الإنذار والتعليمات على وجه العجلة والأولوية، وعلى شركات الهاتف المساهمة في إبلاغ الجمهور، مع تحديد التزامات حَمَلة وسائل النشر في «مدوّنة إنذار» يعتمدها الوزير المختص بالحماية المدنية. هذا الإطار لا يحظر تلقائياً على الأفراد مشاركة المعلومات، لكنه يُثبّت أولوية الرسائل الرسمية المنسَّقة زمن الطوارئ ويُبرّر تدخّل السلطات لضبط الاتصال العمومي درءاً للفوضى المعلوماتية.
انطلاقاً من ذلك، فإن نقل توقعات طقس وفيضانات «مستندة إلى مصادر مختصة» جائزٌ في الأصل إذا صيغت بوصفها «توقعات/احتمالات» مع بيان زمن الإصدار ونطاق عدم اليقين وتجنُّب لهجة التهويل، شريطة عدم تقديمها على أنها يقين قاطع أو على نحوٍ يُفضي واقعاً إلى إخلال السكينة؛ وإلا جرى تكييفها تحت أوصاف «نشر أخبار زائفة/مُضلِّلة» أو «إيهام بوقوع كارثة» بحسب المآل الاجتماعي للنشر وسياقه (المواد 3 و5 و8 و9 من القانون 2020-015). وفي كل الأحوال، عند تفعيل «خطة تنظيم الاستجابة للأمن المدني» أو إعلان حالة كارثة، تكون الأولوية لرسائل الجهة الوطنية المختصة والبلاغات الرسمية، وعلى الناشرين التزام حرفية تلك البلاغات تجنّباً للمسؤولية.
أمّا إذا كان المصدر مركزاً أجنبياً، فيجوز الاستناد إليه بشرط العزو الصريح وبيان أن المعلومة ناتجة عن «نموذج/مخرجات أجنبية» وأنها ليست بديلاً عن النشرة الوطنية؛ والأفضل صياغتها باعتبارها معلومات «مكمِّلة» مع إحالةٍ متزامنة إلى آخر بيان يصدر عن المكتب الوطني للأرصاد، احتراماً للمرجعية التشغيلية الوطنية، ولا سيما خلال الطوارئ حيث تُلزم الخطة المذكورة قنوات البث والاتصال بمسار إنذار رسمي موحّد.
أي عرضٍ يُفهَم منه التقليل من الجهة الوطنية أو يُفضي عملياً إلى ذعرٍ عام قد يعرّض صاحبه للمساءلة الجزائية أو حتى المدنية إذا ثبت ضررٌ قابل للتعويض.
رؤيا بوست