المستعرضرأي

قهوة هذا الصباح..عبد المالك حني

لفت نظري اليوم صباحا وأنا في طريقي إلى العمل، مظهر مُبتَدَعُُ على حافة شارع جمال عبد الناصر، قبالة وزارة الدفاع وشؤون المتقاعدين وأولاد الشهداء، دُفِعَ منظموه -ربما عن حسن نية- إلى أسلوب غريب على أصحاب هذه الخلفية لما عُرِفوا به من انضباط، ولما طَبَعَ حياتهم المهنية من كدح وتربية على العقيدة العسكرية، التي آثروها اختيارا وفاخرنا ببذلهم وذودهم وتجردهم للوطن، وتضحيتهم في سبيله.

من حق هؤلاء -المتظاهرين الجدد- أن يحلموا وأن يتمنوا، ولا نريد

تكرار انكساراتهم، ولا كشف إخفاقاتهم، لكن أبلغوهم أن نضال الحياة المدنية وولوج النقابات، لا يعنى التجاوز ومحاكاة مغامرات ممتهني السياسة، وأن وطنهم هو حياتهم وموتهم، وليستحضروا تلك المراحل والأوضاع القديمة، وأبلغوهم أن وطنهم يكفل لهم ممارسة حقوقهم كما أرسى حُراسُه والمؤتمنون عليه من قادة المؤسسة العسكرية، وأبلغوهم أننا نرمق ونلاحظ كمراقبين تقاطر: المنتسبين وأصحاب المظالم والمهمشين والمتقاعدين(ضباطا سامين، وضباطا، وضباط صف، وجنودا) على مكتب ابن المؤسسة البار: معالي وزير الدفاع: حنن ولد سيدي، دون أن نعرف أو نلمس ما بين السطور خلال اللقاءات والزيارات -ولا يهمنا- وأبلغوهم أن ما يوليه القائد الأعلى للقوات المسلحة فخامة رئيس الجمهورية: محمد ولد الشيخ الغزواني من عناية واهتمام، ليس محل نقاش ولا إملاء، وإنما قناعة وثقة، وأبلغوهم أن التطوير والعصرنة الحاصل الآن في منظومتنا الدفاعية والأمنية، يسهر عليه ويجسده قطاع الدفاع الوطني بجدارة، وأبلغوهم أن المنصفين والمتابعين من أهل الإعلام وكبار الساسة إقليميا ودوليا يحسدوننا على إرساء دعائم إستراتيجيتنا الأمنية المتعددة الأبعاد، والتي لقيت إشادة واسعة على أعلى المستويات، ويحدثنى عن هذا من أتباحث معهم من زملائي في ميدان الإعلام والسياسة، مُوحِين بالدور الذي تضطلع به وزارة الدفاع وشؤون المتقاعدين وأولاد الشهداء، وأبلغوهم أننا نلتمس منهم بذل الجهد في إقناعنا بأساليب للنضال أرسخ وأهدء من هذه البطولات حتى لا أقول المسرحيات الممجوجة، فلكل وجهة هو موليها، وأن يتفضلوا بإقناع أبنائنا وأحفادنا جميعا أنهم سيعيشون بعدنا في هذا الوطن بسكينة وسَعَةِ مواطنة، وتوافق وانسجام وكبرياء واعتزاز، وأبلغوهم أن فرسان المؤسسة العسكرية الآن يحدثون القوانين ويعززون طرائق الشراكة، ويعملون في صمت بلا ضجيج ولا استعراض، لكن بثقة وكفاءة وغيرة وحِرْصِِ، وهل نظر هؤلاء بعمق وقوة بصيرة كما هو متوقع ليتبين لهم كيف كنا، وإلى أي واقع ومرحلة وصلنا، عندما تم تأهيل الجيش الوطني لضمان التنمية والاستقرار، وهل استوعبوا بعين الحقيقة ما تم وضعه من تصورات واستراتيجيات لبناء قدرات عسكرية كفيلة برفع التحديات المحدقة، وهل تفطنوا بموضوعية لدلالة (وزارة الدفاع وشؤون المتقاعدين وأولاد الشهداء)، إنما أريد من ذلك تعزيز مكانة قواتنا المسلحة في المنطقة، كمثال صارخ للانضباط والمهنية والشجاعة والتضحية، أصل إلى أن فرسان المؤسسة العسكرية والمنافحين عن أولوياتها ومصالح المنتسبين إليها، رافعوا بقوة عنها في البرلمان، ومثلوها بمهنية ووعي في أوروبا والصين وأمريكا والمشرق العربي، وأن يطمئنوا فجزالة التظاهر وصيحة الحالِم مفهومة ولا تخرج عن سياق المحاكاة وتكسير التابوهات حتى تُجاه مؤسستنا الجمهورية، والمتسامية عن اقتفاء ممارسة المتحزبين والنسج على منوال شتات النقابيين.

ولا أريد أن أبسط القول فيما تتطلب معالجته الكياسة والعقل والحكمة، ويقيني أن حاضنة الرأي والحِجاج: الشأن العام بمختلف رافعاته، لا شؤون الدفاع والمساس بهيبة الأمة والجمهورية، والنيل ممن تركوا لكم كل شيء إلا الدفاع عن الحوزة الترابية، وتأمين المواطن، ووحدة البلد وترسيخ هويته ورعاية مصالحه.

عبد المالك ان ولد حني: كاتب.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى