كتابنا

(كريستيان) الإيطالي الذي وضع سمعة موريتانيا على المحك/ المامي جدو

تقود الصفقات الغير مبنية على الشفافية إلى نتائج كارثية، كما حصل مع قضية اقتناء اجهزة رقابة واختراق من قبل الحكومة الموريتانية وتحديدا مستشار الرئاسة للمهمات الخاصة احميده ولد اباه.

لقد اعتمد اباه على سمسار هندي كوسيط لشراء اجهزة تستخدمها الدولة بل أعلى سلطة جمهورية فيها لأغراض امنية، وهو أمر طبيعي لأية دولة، إلا أن وسيلة الشراء تشبه تماما محاولات اقتناء الحاجيات من سوق “التبتابة” أو الباعة المتجولين، والخطير في الأمر هو الاحتيال الذي وقع على الطرف الموريتاني حسب دعواه، وهي مبالغ من ميزانية الدولة لم تعرف وجهة صرفها، ولم يعرض المشروع أصلا على المشرعين لإقراره، وحتى وإن اكتسب صبغة أمنية خاصة فكان من الإلزامي إقراره من قبل لجنة خاصة بالدفاع والأمن ومحلفة في البرلمان بغرفته حتى يأخذ صبغة قانونية، بدل دخوله في متاهات الصفقات المشبوهة والغامضة.

الشيء الذي انجر عنه اقتناء اجهزة لا تحتوي على المواصفات المطلوبة حسب بند الصفقة، وهو ما ادخل الجانب الموريتاني في موقف محرج للغاية حيث اكد له “السمسار الهندي” أن تلك المواصفات لدى شركة إسرائيلية ورفضت بيعها بطريقة مماثلة أي أنها تحترم نفسها –للأسف- ولا ترغب في التعامل بهذه الطريقة ظاهريا، رغم سعيها للأرباح.

وألمح إلى أن ذلك الطرف يسعى للتعامل مع حكومة وليس عبر وسطاء حسب ما أفادني الإيطاليون، وهو ما جعل الجانب الموريتاني يرفض استلام المعدات التي وصلتهم عن طريق شركة وولف انتليجينس وشريكتها في جي لارد التي يدريها ضابط شرطة إسباني مشبوه في مدينة ميلانو يدعى ديفيد كاسترو، وهو صديق شخصي للهندي مانشي كومار وسيط  المستشار احميده اباه.

وقد شكل وصول رجل حماية مفتول العضلات جانبا مثيرا في القضية، و أخذت منعطفا خطيرا آخر، وذلك بعد وصول المدعو كريستيان بروفيزيوناتو لنواكشوط في 2015 وهو رجل أمن خاص إيطالي، لا علاقة له بالصفقة سوى أنه عامل في الشركة بمهنة رجل حماية خاصة، وقد رفعت اسرته قضية على الشركة المشغلة له في محاكمة ميلانو اتهمتها بإرسال إبنهم كرهينة لدى سلطات بلد إفريقي كما تقول عريضة الإتهام التي اطلعت عليها شخصيا.

لقد تم الترحيب بكريستيان الذي حضر حسب دعواه كإجراء احترازي اعتاد عليه قبل وصول مدير الشركة التي يعمل بها، و بعد إقامته في نواكشوط بأيام اقتيد للمحاكمة بتهمة التجسس والاشتباه في علاقته بالصفقة، لكن المحاكم الموريتانية لم تدينه بأية تهمة واضحة، وابقي عليه في اروقة الأمن دون محاكمة طيلة 20 شهرا، حيث أخذت القضية منعطفا خطيرا وباتت قضية رأي عام إيطالي ضغط بشدة حتى تدخلت الحكومة الإيطالية لإطلاق سراح مواطنها الموقوف دون تهمة محددة بموريتانيا، ودون محاكمة، وهو ما جعل مصداقية العدالة ببلادنا على المحك، وتسبب في أضرار بالغة لسمعة البلاد، التي باتت تحتجز رهائن! أولا في طريقة اقتناء الأجهزة عبر شركات غير معتمدة، وثانيا في احتجاز شخص كرهنية وهي افعال مافوية لا تنم عن عمل حكومي أو قانوني حسب ما يردد الإيطاليون، اللذين اكدوا ان ابنهم غرر به من قبل الشركة التي يعمل بها كما فعلت مع المستشار ولد اباه عراب الصفقة المثيرة للجدل.

السؤال الذي يجب طرحه بهذه الصدد هو لماذا لا تتم مسائلة احميده اباه بشأن تلك الصفقة الغامضة؟ ولماذا تقتني موريتانيا اجهزة تجسس ورقابة و اختراق في ظل عدم تهديدنا بهجمات الكترونية كما حدث في أوروبا مؤخرا؟، وهل لدينا أصلا صناعات استراتيجية تتطلب تأمينها عبر اجهزة بتلك المواصفات الباهظة الثمن؟

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى