استقصاءالمستعرض

موريتانيا تدخل المنطقة الحساسة في ترتيب مؤشر حرية الصحافة

اعتمدت منظمة مراسلون بلا حدود على إقرار قانون يعاقب بالإعدام من ثبت عليه حكم الردة بالإساءة للمقدسات –المادة 306– التي أقرها البرلمان مؤخرا، في تقريرها الصادر حول مؤشر موريتانيا في حرية الصحافة، وهي ذات المادة التي كان لها تأثير على استفادة موريتانيا من قانون الامتيازات التجارية الخاص بأفريقيا AGOA  واستند عليها قرار ترمب ضمن مبررات آخرى.

وتتقدم موريتانيا على المستوى العربي بعد جزر القمر، وتأتي تونس و لبنان المرتبة 100 عالميا، والكويت 105 وقطر في المرتبة 125 ثم الإمارات 128 والأردن 132.

حيث عرفت موريتانيا (المرتبة72) أعلى مستوى من التراجع في المنطقة الافريقية بسبعة عشرة نقطة إثر اعتمادها قانونا يعاقب بالإعدام بتهمة المس بالمقدسات والردة، حتى في حالة التوبة حسب ما جاء في تقرير مراسلون بلا حدود.

وكانت المحكمة الأوروبية قد اصدرت حكما على مسؤولة نمساوية بتهمة ازدراء الأديان، واقرت بأن الإساءة للنبي محمد “صل” لا تدخل في إطار حرية التعبيرة.

وتبقى منطقة الاتحاد السوفييتي السابق وتركيا الأكثر تراجعا على المستوى الدولي في حرية الصحافة ، فثلثي هذه المنطقة تتركز حول أو بعد المرتبة 150 من التصنيف وأغلبها تواصل التراجع.

وجاء في نص تقرير مراسلون بلا حدود:”.. تبين نسخة 2018 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي أنجزته مراسلون بلا حدود، تصاعد الكراهية ضدّ الصحافيين. ويُمثل العداء المُعلن تجاه وسائل الإعلام الذي يشجعه المسؤولون السياسيون وسعي الأنظمة المستبدة لفرض رؤيتها للصحافة تهديدا للديمقراطيات.

يكشف التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي يقيّم كل سنة وضع الصحافة في 180 بلدا، مناخا للكراهية متصاعدا.

ولم يعد عداء المسؤولين السياسيين للإعلام خاصا بالدول المستبدة مثل تركيا (157، -2) أو مصر (161) التين سقطتا في “رُهاب الإعلام” إلى درجة تعميم الاتهامات بالإرهاب ضدّ الصحافيين وسجن غير الموالين منهم اعتباطيا.

وقد ارتفعت نسبة رؤساء الدول المُنتخبون ديمقراطيا الذين لا يعتبرون الصحافة ركيزة أساسية للديمقراطية وإنما خصم تعلن نحوه البغضاء. وعلى رأس هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية، بقيادة دونالد ترامب، وقد احتلت المرتبة 45 بتراجع بنقطتين. ويعتمد الرئيس الأمريكي خطابا بغيضا بشكل صريح حيث يعتبر المراسلين “أعداء الشعب” مستعملا عبارة سبق أن استعملها جوزيف ستالين.

وفي عدد من البلدان فإن الحاجز بين الاعتداءات اللفظية والعنف الجسدي يتضاءل يوما بعد يوم، ففي الفلبين (المرتبة 133، -6)اعتاد الرئيس رودريغو ديتورتي على شتم وتهديد وسائل الإعلام الإخبارية وحذّر بالقول: أن تكون صحافيا أمر “لا يحميك من الاغتيال”.

وتزايد خطاب الكراهية ضدّ الصحافيين في الهند على شبكات التواصل الاجتماعي. ويصدر ذلك عادة عن الجيوش الالكترونية للوزير الأول نارندا مودي. وفي غضون سنة واحدة أغتيل أربع صحافيين، على الأقل، بدم بارد في كلّ واحدة من هذه الدول الأربعة.

وتضاعف العنف اللفظي ضدّ الصحافة في أوروبا، رغم أنها الأكثر ضمانا لحرية الصحافة. ففي شهر أكتوبر الفارط ظهر موريس زيمان رئيس تشيكيا (34، -11)، خلال ندوة صحفية، مُشهرا بندقية كلاشنكوف مزيفة كُتبت عليها عبارة “هذه للصحافيين”.

وفي سلوفيكيا (27، -10) ينعتُ روبارت فيكور (الوزير الأول إلى غاية مارس 2018) الصحافيين بـ”المومسات الوسخات عدوّات سلوفيكيا” أو بـ”الضباع الغبية”.

وقد تمّ اغتيال الصحفي جون كوسياك في شهر فيفري في هذا البلد الذي يقع في أوربا الوسطى، وذلك بعد وفاة دافني كاروانا غاليزيا بتفجير سيارتها في مالطا (65، -18).

ويؤكّد كريستوف دولوار، أمين عام مراسلون بلا حدود، أن “الكراهية ضد الصحافيين من أخطر التهديدات للديمقراطيات، ويتحمّل المسؤولون السياسيون الذين يغذون العداء للصحافة مسؤولية كبرى، لأنّ التشكيك في الرؤية التي تجعل من الحوار العمومي مبنيا على حرية البحث عن الحقيقة ينتج مجتمع الدعاية. وتفنيد مشروعية الصحافة هو تلاعب بنار سياسية خطيرة جدا”.

2018، النرويج وكوريا الشمالية تحافظان على المرتبتين الأولى والأخيرة

في هذه النسخة الجديدة، تبقى النرويج على رأس التصنيف للسنة الثانية على التوالي تليها، كالسنة الماضية، السويد. ورغم أنها تحترم تقليديا حرية الصحافة فقد أصيبت دول الشمال بعدوى التدهور العام.

وتراجعت فينلندا (المرتبة 4، -1) للسنة الثانية على التوالي في الترتيب، وفقدت المرتبة الثالثة لفائدة هولندا بسبب مسألة تهديد سرية المصادر. وفي الطرف الآخر من التصنيف تحافظ كوريا الشمالية (180) على المرتبة الأخيرة.

ويبين التصنيف تصاعد تأثير “الرجال الأقوياء” والأمثلة السيّئة. ففي روسيا (148) بقيادة فلاديمير بوتين، وبعد خنق الأصوات المستقلة داخل حدودها مدّدت شبكة دعايتها في العالم بفضل وسائل الإعلام مثل روسيا اليوم وسبوتنيك.

وتُصدّرُ الصين (176)، بقيادة شي جين بنغ، نموذجها المنغلق في آسيا. وبسبب قمعها الصارم للأصوات المُنتقدة، كانت من بلدان أسفل التصنيف على غرار فيتنام (175) وتركمانستان (178) وأذريبيدجان (163).

وإن لم يوجد طغاة مستبدون فإن الحرب تجعل من دولٍ نقاطا سوداء للمعلومة مثل العراق (160، -2) التي التحقت هذه السنة بأسفل الترتيب. وعلى خارطة حرية الصحافة لم يسبق أن نجد كلّ هذا العدد من الدول في المنطقة السوداء.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى