كتابنا

ظاهرة الإلحاد في موريتانيا ردة فعل اجتماعية

كثر الإلحاد وانتشر ، وظهرت جماعات من شذاذ الآفاق من المرضى النفسيين ، والعاطلين عن التفكير ، والناقمين على ظروف اجتماعية عاشوها ، والمكتفين بهوامش من الشبهات التقفوها من هنا وهناك ، فظنو أنهم عرفو، وخيل إليهم أن العلم سطر مترهل ، غضب عليه الصرف ، ولعنه النحو ، وتبرأ منه المنطق ، وناءت عنه المعرفة ، واكتنفه الزيغ والشذوذ، فأخذو يتخبطون كالعشواء ، ويبحثون في ظلماء جهلهم عن مرسى لأفكارهم المضطربة ، وشكوكهم المزمنة ، فلم يجدو إلى ذلك سبيلا ، غير إنكار الحقيقة التي لم يهتدو إليها ، حقيقة أن ” لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ” .
ومن الإنكار والكفران ما قد يغريك بالرد ، فقد تجد فيه حجاجا مغريا ، أو فكرا مثيرا، أوخطابا بليغا ، ولكن كفران و نكران “ملحدي موريتانيا ” وشبهاتهم التي سربوها ، أمور باعثة على السخرية ، والتهكم ، مثيرة للشفقة ، حيث يظهر من كلام هؤلاء الملحدين ، أنهم يتحدثون من فراغ ، وينحتون من صخر ، وأنهم خشب مسندة ، لا يفقهون حديثا ، ولا يملكون على ما يدعون دليلا ، فلا هم أثبتو بالبرهان أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد ظلم أحدا قط ، ولا وجدو لذلك مستندا أو دليلا ، فتجدهم يصبون جام غضبهم على شخص الرسول ، ويظنون أن ما يعانونه من فقر ذهني ، و عسر حال ، وظروف اجتماعية عصيبة ، وكبت ، وحرمان ، يعود السبب فيه إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا التفكير غبي بشكل مطلق ، ولا أصل له ، وماله من قرار ، فقد عمل الرسول على خلق أوضاع وظروف يعيش فيها الإنسان أسمى معاني الكرامة ، ويستشعر فيها أعظم آيات الحرية ، وينعم فيها بالعدل والمساواة ، وينال كامل حقوقه ، من يوم يولد ، إلى أن يموت . لكن الصبية الأغرار لم يفهمو مقاصد الرسالة المحمدية ، ولم يرو شخصية محمد كما ينبغي ، بل نظرو إليه بمنظار نقمتهم على ما عانوه من مشاكل اجتماعية ونفسية ، فانطلقو من أحكام قبلية ، ومقدمات سلبية باطلة ، وما بني على باطل فهو باطل .
إن ما ساد في بلادنا من ظهور سافر لنزعات واتجاهات إلحادية، ليس باعثا على القلق فقط ، بل يتطلب حالة استنفار عام ، ذلك أنه عرض لمرض عضال يستشري داخل الوطن ، وهو أشد خطرا ، وأكثر تجذرا من أي مرض فكري آخر قد يعصف بمجتمع ما ، حيث إنه انبنى على جهل ، وتعنت وحنق ، ونقمة ، وامتعاض ، فالجماعات التي تتمتم بالإلحاد، وتتعاطاه من وراء الحجب، لا تتبنى فكرا إلحاديا “واعيا “، ولا تنطلق من قناعة ، بل تتشدق بما تجتره من قشور مزاعم الملاحدة الغربيين وافتراءاتهم الزائفة ، ولا تعرف إلا لغة النفي الساذجة : ( ليس موجودا .. لم يكن عادلا ..ليس حقا ) ، وهذه اللغة ضحلة الألفاظ ، واهية الأسلوب ، مصابة بفقر المنطق ، لا يستطيع أصحابها تبرير مزاعمهم الزائفة ، ودعاواهم الواهية .
ما أقصده هنا هو أن من الملحدين من ترك دينه حين خيل إليه أنه يبحث عن الحقيقة ،فشطت به الطرقات وهام ، وقد كفر بذلك ، لكن الأدلة والبراهين إن ظهرت وأرجحت كفة الدين في عقله بعد ذلك ، سيتراجع عن خطئه لأنه كان ساعيا إلى حقيقة باحثا عن يقين .
لكن منهم من يظنون أن كفرهم بمحمد ،أو بالقرآن ، أو بالله ، سيمثل ضربة قاصمة للمجتمع الذي يشعرون ويدعون أنه ظلمهم وأهانهم ، ولذا فإنك تجد طرحهم هزيلا ، وألفاظهم تجاه الله والرسول بذيئة ، لا تصدر عن عقل تشبع بالمعرفة ، يبحث عن الحقيقة ، ويتعامل مع مقدس تؤمن به ملايين العقول ، وتعيش لأجل الإيمان به والذب عنه . والصنف الثاني من الملحدين هو الذي يدخل فيه ، الصبية الموريتانيون الأغرار كولد امخيطير ، وصاحب الحساب الفيسبوكي المسمى ” محمد أحمد” ومن ناصرهما سرا أو علانية ، فكلام هذه الشرذمة لا ينبع من العقل ، بل من الحقد والعقد النفسية والتذمر والسخط على الواقع . ونحن لن نخوض في جدليات ، تطرح كفزاعة أمام عقوبات تفرض على هؤلاء المرتدين ، أعني جدليات من قبيل : ” هل يقتل الشرع من ارتد أم لا ؟” ، فنحن لسنا بحاجة ماسة إلى تأصيل لعقوبة لولد امخيطير ولا غيره ، فالقانون الوضعي ، والدستور الوطني ، وضرورة احترام المقدسات الوطنية والدينية ، تكفينا شر القتال ، ومن ثم فلا مناص من عقاب من اعتدى على حرمة دين مجتمع ، وشعب ، ودولة ، وأمة ، وحضارة .
وعلى السلطة أن تراعي حدود الله ورسوله ، وتنصف محمدا وأمته ، وعلى القضاء أن يأخذ بعين الاعتبار الضرر البليغ الذي يعاني منه كل مسلم يسمع أذى يوجه إلى خير من وطأ الثرى ، وعرج إلى السماء ..
مولاي عمر

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى