رأي

شعب غامبيا : و يأتيك بالأخبار من لم تزود

الشعوب مهما نامت و نومت صاحية لا محالة ومهما غيبت ستعود  و ستظهر و مهما طالت مدة الاستبداد فالشعب سيجعله من خبر كان هكذا علمتنا الأيام و أخبرتنا التجارب و لعل ما حدث في غامبيا خير دليل على ما نقول.

لقد قالها الغامبيون بصراحة ( باي باي جامى ) هذه الدولة التي تربطها بنا روابط عديدة  و متنوعة لا يمكننا بحال من الأحوال أن نترك ما شهدته من تغيير يمر مر الكرام دون أن نتناوله ولو بقليل من التحليل , فبعد أن قالت السنغال وداعا لعبد جوف حينما أراد المكوث و قالتها لعبد الله واد يوم أراد محاكاة سلفه هاهي غامبيا تودع جامى غير آسفة ذلك الشاب اليافع الذي جاء مبشرا وواعدا و لم  يلبث أن استهواه الكرسي فجمع الأحلاف و علق الأزلام و حكم شعبه بيد من حديد و ظن أن ما طوق به رقبته من أزلام و ما سمعه من الثلة و من مشعوذين وعدوه بالخلود و أن يعصموه من الناس ويحكموه فيهم ظن ذلك كافيا و تمادى و لم تكفه 22 عاما من الحكم  فتجبر و تسلط و قرًب و أبعد و نسي أو تناسى أن الله يمهل ولا يهمل  و أن للشعب  صرخة يوم يطلقها تسحق كل الطغاة والمستبدين .

لكن جامى على عكس جل إن لم أقل كل حكام العرب لم يخرج من الحكم كما جاءه بسبب انقلاب عسكري أو ثورة و هذا ما أثار إعجابي و دهشتي في الوقت ذاته, إنها مدرسة الديمقراطية الغامبية أو هكذا أفضل تسميتها ,شعب صبر وتحمل ولم يمل و لم ييأس حتى واتته الفرصة فتخلص بكل بساطة من جامى و في الشوط الأول دون إراقة دماء أو فوضى شعب استطاع أن يتجنب ويجنب بلده الخراب و الدمار كما حدث في الكثير من الدول الإفريقية والعربية و إن كان دُفع إلى ذلك النهج آلاف المرات لقد التمس الشعب أحسن المخارج فألقى بطاغيته إلى مزبلة التاريخ .

إن الشعب الغامبي اليوم يستحق منا شعوب إفريقيا و قفة إجلال و تقدير فقد علمنا أنه لإزاحة طاغية لاحاجة لسلاح و لا لثورة إنما لحماية الصناديق ولإذلال طاغية لا حاجة لجره في الشوارع أو للمحاكمات يكفي فقط أن تقول له عن طريق صندوق الاقتراع : لم نعد بحاجة إليك, فتحية لهذا الشعب ألف تحية ووداعا يحيى جامى فقد كان فيما حدث لك رسالة لغيرك أنها لو دامت لغيرهم ما وصلت إليهم و أن التطبيل و التصفيق و الأزلام هي أشياء لا تساوي شيء أمام إرادة الشعب و إن كنت لا تتقن اللغة العربية فلا زال بقربك لا محالة من يترجم لك هذين البيتين :

إذا الشعب يوما أراد الحياة ……. فلا بد أن يستجيب القدر

و لابد لليل أن ينجــــــــلي……  و لابد للقيد أن ينكـــــسر

يعقوب ببكر عاشور

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى