المستعرضسياسي

مهرجان اترارزة .. هل حسم الحزب الحاكم معركة التعديلات الدستورية ؟!

لم يسبق للمشهد السياسي الموريتاني أن عرف انقساما بهذا الحجم، وتباينا في المواقف والآراء قبل موضوع التعديلات الستورية المنبثقة عن حوار يصر النظام أنه كان شاملا، وأن دعوته وجهت للجميع ومن تغيب عنه لا يملك أي مبرر قادر على تقديمه للرأي العام.

 فيما تعتبر المعارضة “المنتدى” و “التكتل”، أنه كان احاديا وأن من حضره من المحسوبين على المعارضة هم واجهات للنظام، وأحزاب تتحرك بإشارته.

لكن الصعب والعميق في قضية التعديلات ومما يرفع من حجم مواجهتها ويقوي من الموقف الرافض لها، هو ملامستها لمواضيع لها بعدها الاجتماعي وخلفياتها التاريخية في رمزية تأسيس الدولة وشعاراتها الوطنية، وهو الأمر المعول في أن تكون ولاية اترارزة راس الحربة في الدفاع عنه وفي رفض المساس به .

وإضافة لهذا جاءت أزمة الشيوخ لتضيف أزمة جديدة على أزمات النظام المتراكمة، ولتمنح نفسا إضافيا للمناوئين للتعديلات الدستورية.

 عولت المعارضة اذا على ورقتين لمواجهة النظام اولهم أزمة شيوخه الداخلية وهي ورقة دستورية أرادت المعارضة من خلالها الاستفادة من مشاكل النظام الداخلية ولتضرب قوى النظام بعضها ببعض، وتكسب من خلفهم دون ان تكون طرفا مباشرا في الصراع.

 و تتمثل الورقة الثانية في الاستياء القائم لدى ساكنة ولاية اترارزة من التعديلات كون الرموز الوطنية تمثل (خصوصية لهم) ومحاولة توظيف الموضوع انه استهداف لمركزية الولاية ودورها في عملية تأسيس الدولة.

  غير أن أوراق المعارضة التي عولت عليها لم تعمر طويلا ونجح الحزب الحاكم في سحبها منها بهدوء ودون إعلان مواجهة مباشرة، خفت بريق الشيوخ وقل ضجيجهم، فمنهم من استقال من المجلس ومنهم من استقبله رئيس الحزب الحاكم واعتذر ووزع بيانات التأييد، ومنهم من غادر الوطن.

 وتحدث رئيسهم عن متانة علاقته برئيس الجمهورية ودعمه لأجندة النظام وخياراته، وبقيت أنظار الرافضين للتعديلات تتجه لولاية اترارزة كآخر أمل يعول عليه في مواجهة النظام وإسقاط مشاريعه.

لم تنتظر اترارزة طويلا حيث رأى مراقبون أن مهرجان 8 يونيو بدد –ظاهريا- كل الآمال مؤكدا أن التعديلات الدستورية خيار الولاية قبل النظام، ونجح رئيس الحزب الحاكم في جمع مختلف مكونات الولاية وحساسيتها، وإعادة المغاضبين من أطرها لحضن السلطة .

وتبقى الصورة كما كانت في البداية معارضة عاجزة عن قراءة المشهد بلغة الحساب ولغة السياسة، وعاجزة عن فهم خيارات المواجهة وتوقيتها وطبيعة اي مواجهة، ويبقى النظام متحكما في الفعل السياسي وموجها بشكل آخر لمختلف ردات الفعل التي تتحرك ضمنها المعارضة كما لو كانت خيارا محددا ومرسوما من قبل.

رؤيا بوست

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى