كتابنا
سيُرشحونك لنُوبل..

قرأتُ و ليتني لم أفعلْ , أنً أشباحَ الكواليسِ يُجهزونَ ملف ترشيحك لجائزة ألفرد نوبل , يا لتعاستهِ , مُخترعُ الديناميتْ , قاتلُ الأطفال و العجزة , كان من وراء جائزته يسعى للتكفير عن بعض ذنوب اختراعه و هاهو يحظى بذنب لا يقل مرارة عن القتل و التدمير , أن يُحتفى باللصوصْ و يتم تكريمهم , عمل لا يقل رهبة عن التفخيخ و التفجير , أنا لم يُفاجئني الأمر حقيقة , و لن يُفاجئني حفلُ توشيحك على التلفاز , إذ سبق و رأيتُ سفاحين كُرموا هناك و أيديهم حِناء من دم الأطفال , لكني أتحداك يوم تكريمك أن تُرفق جائزتك بشهادة حسن سيرة و سلوك , تُمنحُ لك هنا في بلدك من قاض واحد يحترم نفسه و مشهود له بالعدل , لن تجد لذلك سبيلا .
نوبل , و عندما حدث انفجار عرضي في مصنع له , و لم يكن موجودا , كتبتْ الصحف على عُجالة , تاجر الموتِ يموتْ , و عنوان آخر , “الدكتور ألفرد نوبل، الذي أصبح غنيا من خلال إيجاد طرق لقتل المزيد من الناس أسرع من أي وقت مضى، توفي بالأمس” , يبدوا أن هناك تقاربا بينَ صاحب الجائزة و بينك , فالجوعُ قتل , و البطالة قتل , و الضرائب المُهينة قتل , و ظلم الناس و التمييز بينهم قتل , و التغاضي عن سجن أبناء البلد من أجل احتجاج أو كلمة قتل و ظلم ساحق ماحق , نعم , لقد أصابوا في ترشيحك , لتنضم للسفاحين , للظلمة , للطغاة , لبائعي وهم السلام بحتمية وقع الرصاص , عجزنا أن نُوجد مخترعا أو مكتشفا , لنا فيك العزاء , لنقدم لهم رئيسَ الفقراء , ستُعجبهم الكلمة فلها وقع سحري صادم و مُربك , الفقراء , كم بيع باسمهم من أوهام و كم قفز على رؤوسهم من كاذب مُخادع , الفقير في أقصى نقطة نائية , لن يُعير اهتماما للإذاعة و هي تُكرر اسم الجائزة , و عينُ الشمس تُلهبُ رأسه العاري , دون سقف يأويه , كما أن المزارع في سهول شمامة لن يهتم , و الدركُ يُضايقه لتسديد دفعات موسم باهت سرقتم سماده .
نعم ترشح , مع السيسي و أمثاله , السيسي , ناهب مصر و مدرسة الشحاذة , قريبا , سنمشي على خطواته , و قد بدأنا إذا صح موضوع العشرين مليارا , من أجل لا و نعم , قريبا , سنرى إعلانات الموريتانية , تبرع لموريتانيا بأوقية من رصيدك , و إعلان آخر , بخمسِ أواق من رصيدك تنهضُ موريتانيا , و أخيرا و ليس آخرا , اشتري سيرة الرئيس الذاتية , سيرة الرمز المؤسس , فقط يمائة أوقية , لا تستغربوا , انظروا لحال مصر العظيمة , الدولة هناك تسرق مُواطنيها مع كل بطاقة رصيد , مع كل تذكرة قطار , مع كل تذكرة سينما , مع كل رغيف خبز و قارورة زيت , إذا كانت تلك مصر العظيمة , فكيف ببلد علي بابا و الأربعين حرامي .
نعم رشحوه , فقد رشحَ معه و بهِ مستوى النفاق لِعهود دويلات الطوائف الأندلسية , رشحوه ُ حتى يرتفعَ إسم الرمز المؤسس عاليا و ننهض من بؤسنا و تخلفنا , الذي تحول بيننا و بينه هذه الجائزة , جائزة ذوي الهمم العالية سابقا , جائزة السفاحين و العملاء لاحقا .
غريبة هي المواسمُ كيف تتغير فتُغير الرجال , حتى تُحيلهم لإمعات تُديرها رؤوس فارغة , نحو عظمة زائفة على سُلم مُهترئ , حينَ السقوط لن تمتد يد منقذة , إلى أين تأخذُ نفسك يا نوبُلنا المتغطرسْ .