
رؤيا بوست: في مثل هذا اليوم 20 سبتمبر من العام 1975 تم تحرير منطقة لكويرة بهجوم “خالص” من الجيش الموريتاني، والمفارقة أنها عملية عسكرية نفذها الجيش الوطني بدون مساندة من الحلفاء طوال حرب الصحراء القاسية، في أرض تم التنازل عنها لاحقا بعد أربعة سنوات من الحرب، فكيف تم ذلك؟.
تعد الأراضي –التي منحتها زمرة العسكريين الموالين للبوليزاريو على طبق من ذهب- منطقة حساسة للغاية بالنسبة للدولة الموريتانية، بحكم قربها من العاصمة الاقتصادية نواذيبو 15كلم فقط، إضافة لموقعها الجيوستراتيجي الهام.
وهي شبه جزيرة تشكل هاجسا للأطرف الثلاثة، بعد أن اجتاحت المغرب أراضي وادي الذهب بقيت لكويرة تحت السيطرة الموريتانية، ولم تعد البوليزاريو تسيطر سوى على حوالي 30% فقط من الأراضي التي تطالب بها في الجمهورية العربية الصحراوية، والتي من ضمنها لكويرة الواقعة تحت السيطرة الموريتانية حاليا.
فقد تحررت لگويرة في 20 ديسمبر بعد تدخل سريع من الجيش الموريتاني لعب فيه سلاح الطيران بقيادة العقيد المرحوم عبد القادر”كادير”، دورا حاسما، تعدى مهمته الأساسية في الاستطلاع ورصد تحركات العدو.
وكانت البوليزاريو قد دخلت المنطقة في 09 أغسطس واجبرت على الخروج منها بعد اشتباكات مباشرة وحرب عصابات بشوارع لكويرة مع الجيش الموريتاني حسب ما جاء في مذكرات الرجل.
وهو ما يكشف الأسباب الكامنة وراء الزيارة المفاجئة التي قام بها زعيم الجبهة الرئيس الصحراوي إبراهيم غالي لمنطقة لكويرة المطلة على المحيط الأطلسي منذ اسابيع، وهي الزيارة التي اثارت حفيظة المغرب، حيث ربطت الأمر بتمركز الجيش الصحراوي قرب معبر الكركرات الحدودي.

لماذا تربط لكويرة بالگركارات؟
بداية علينا ان نتساءل لماذا تربط المغرب كل تحركات البوليزاريو بموريتانيا؟، فما يجري في الكركارات من حرب باردة ومظاهر توتر، يتم خارج الحدود الموريتانية، وبالتالي لا يمكن لومها على المبادرات التي تقوم بها البوليزاريو، ولا حتى المغرب نفسها.
ومن جهة اخرى فلكويرة تحت السيطرة الموريتانية بموجب اتفاقية مدريد الثلاثية 1975 والتي اعترف من خلالها المغرب بأنها أرض موريتانية!
بعد وفاة رئيس الوزراء أحمد ولد بوسيف في 27 مايو 1979 في حادثة تحطم طائرة غامض، اتجهت الحكومة العسكرية التي خلفته لسياسة تقارب شديد مع البوليزاريو، تم خلاله التنازل عن أراضي وادي الذهب بموجب اتفاقيات الجزائر 1979 التي وقع عليها المرحوم العقيد احمد سالم ولد سيدي النائب الثاني لرئيس الدولة العقيد محمد خونا ولد هيدالة ، بعد وفاة رئيس الوزرارء -الذي عارض تلك السياسة بشدة -بثلاثة أشهر فقط.
و تخشى المملكة –أساسا- من قرار موريتاني مفاجئ يطابق ما فعل الرئيس هيدالة عندما منح البوليزاريو أراضي وادي الذهب وهو ما اعتبرته المغرب طعنة في الظهر.
كما أنه من الجدير بالذكر أن قضية الصحراء هي قضية تفصل فيها القرارات الأممية أكثر من أي شيء آخر، وحتى لو قالت موريتانيا أن الأراضي المتنازع عليها صحراوية أو مغربية أو موريتانية فلا يمكن الأخذ بذلك قانونيا، والمفارقة أن طرح القضية في أروقة الامم المتحدة كان بطلب مغربي.
كما أن تحميل المغرب لموريتانيا جزءا من التوتر الحالي، يعدا تجنيا كبيرا، من السلطات المغربية التي تبدي حساسية مفرطة من “التقارب: بين موريتانيا و”الكيان الوهمي” حسب ما تسميه أوساط المخزن المغربي.
و نسيت أو تناست أن سفارات الجمهورية العربية الصحراوية توجد في عديد بلدان العالم باستثناء موريتانيا التي لم تطبع دبلوماسيا مع الممثل التاريخي للشعب الصحراوي.
اتفاقية الخامس من أغسطس؟
في 5 أوت 1979 وقعت الحكومة العسكرية الموريتانية على وثيقة تنازل بموجبها الرئيس هيدالة المقرب من البوليزاريو عن الأراضي التي تسيطر عليها موريتانيا في منطقة وادي الذهب بما فيها لكويرة، إلا أنه اشترط أن تبقى المنطقة الصغيرة والاستراتيجية تحت الإدارة الموريتانية لحين التسوية، وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية الدكتور محمد الامين ولد الشيخ قد رفض خلال مؤتمر صحفي عقده في الثاني من يناير 2016 الرد على سؤوال متعلق برفع العلم الموريتاني في المنطقة، مكتفيا بالقول أن علاقات موريتانيا والمغرب على ما يرام !
ماذا لو بقيت موريتانيا في وادي الذهب؟
اظهرت متتاليات الأحداث أنه كان من الأنسب ان يبقى الجيش الموريتاني في كامل منطقته بوادي الذهب حتى إيجاد حل سلمي ينهي حالة التوتر، أو تسليم الأراضي للأمم المتحدة لكي تنظم فيها استفتاءا تحت اشرافها.
وهو ما يجعلنا نخلص إلى أن حل الصراع يتأرجح بين السياسي، والبعد القانوني للقضية، اكثر من اي شيء آخر، ويجعل ن المبادارت والحلول السياسية أمر قابلا للنقاش ومن بينها مقترح الحكم الذاتي الذي أقره المغرب، والذي يعد حلا واقعيا، إلا أنه لا يمكن أن يكون بديلا عن تقرير المصير، لأن الحكم الذاتي بنظر القانون الدولي يصدر عن طرف له سيادة شرعية على الأرض.
وبدلا من ذلك يبدو خيار استئناف المفاوضات المباشرة هو الانجع، بدل تحميل موريتانيا مسؤولية تحركات جبهة البوليزاريو، حيث لا يمكن لنواكشوط -في الواقع- إلا أن تساهم في التوصل لاتفاق يعد “صلحا حقيقا” بدون إغفال الدور الهام لأحد الأعبين الأساسيين في القضية.
وتبقى وضعية المنطقة الخالية من السكان بفعل انتشار الألغام، وضعية مبهمة قانونيا ، منذ انسحاب موريتانيا من الصحراء بعد حربها مع جبهة البوليساريو، فالأخيرة تخشى من التأثير على وضعية الحياد الموريتاني، والمغرب ليست له سيطرة عملية رغم شعارها المعروف” من طنجة إلى لكويرة”، أما بالنسبة لموريتانيا فتمثل المنطقة هاجسا حقيقا بالنسبة لها بحكم قربها من العاصمة الاقتصادية وموقعها الهام، وسيطرتها على المنطقة المهجورة التي يحظر الاستثمار فيها للأسباب آنفة الذكر رغم أن مساحتها اكبر من مملكة البحرين.
إذا يمكن تعريف لكويرة –بوصلة الصراع إعلاميا- بأنها أرض متنازع عليها في الصحراء الغربية، وحسب اتفاقية مدريد 1975هي أرض موريتانية بموافقة المغرب، وفي 1979 باتت جزءا من الصحراء الغربية بعد أن تخلت عنها موريتانيا بحكم اتفاقية 5 أوت بشريطة بقائها تحت السيطرة الموريتانية لحين إيجاد حل سلمي للنزاع.
ويبقى المؤكد في كل ذلك أن المنطقة لا يمكن بأي حال عن تهرج عن السيطرة الموريتانية لأسباب متعددة.
فريق تحرير رؤيا بوست
اتفاقية مدريد
اتفاقية مدريد الثلاثية
اتفاقية مدريد
في 14 نوفمبر 1975، صدر بيان ثلاثي : إسباني مغربي موريتاني. يعلن عن اتفاق توصلت إليه الدول الثلاث بعد مفاوضات دامت أكثر من يومين وانتهت بتوقيع ما عرف باسم اتفاقية مدريد الثلاثية وهي تتألف من :
– وثيقة دعيت باسم (إعلان المبادئ)، وتنص على عملية تسليم الأرض للمغرب وموريتانيا بالإضافة إلى مجموعة اتفاقيات تتعلق بالصيد والتعاون الاقتصادي والصناعي. وقد اتضح فيما بعد أن تنازل إسبانيا عن الإقليم كان مقابل إشراكها في استغلال مناجم فوسفات بوكراع، وبقاء أسطول صيدها البحري في المياه الإقليمية الصحراوية، وبضمان قاعدتين عسكريتين لها قبالةجزر الكناري
– وقد تضمن الاتفاق المعلن النقاط التالية :
1- تبرم إسبانيا قرارها، الذي أعربت عنه مرارا أمام هيئة الأمم المتحدة ، بتصفية استعمار أراضي الصحراء الغربية واضعة حدا لمسؤولياتها وسلطاتها كقوة إدارية على الأراضي المذكورة.
2- انسجاما مع القرار السابق ومع المفاوضات التي أوصت الأمم المتحدة بها مع الأطراف المعنية، تشرع إسبانيا فورا بإنشاء إدارة مؤقتة في الأراضي، يشارك فيها المغرب وموريتانيا بالتعاون مع الجماعة وتنقل إلى هذه لإدارة المسؤوليات والسلطات التي تشير إليها الفقرة السابقة. وبناء عليه، اتفق على تعيين حاكمين معاونين، تقترحهما المغرب وموريتانيا لمساعدة حاكم البلاد في أعماله، وسيتم إنهاء الوجود الإسباني على الأراضي نهائيا قبل 28 فبراير 1976.
3.- يحترم رأي السكان الصحراويين المعبر عنه من خلال ال(الجماعة).
4- تحيط البلدان الثلاثة الأمين العام للأمم المتحدة علما بما أقر في هذه الوثيقة كنتيجة للمفاوضات المعقودة بموجب المادة 33 من ميثاق الأمم المتحدة.
5- تعلن البلدان الثلاثة المشاركة بأنها توصلت على النتائج السابقة بروح التفاهم المثلى والأخوة والاحترام لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة ، وكأفضل مساهمة لحفظ السلم والأمن الدوليين.
6- تصبح هذه الوثيقة سارية في ذات اليوم الذي تنشر فيه في الجريدة الرسمية ” قانون تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية ” والذي يخول الحكومة الإسبانية حيازة الالتزامات المتضمنة في هذه الوثيقة.
مدريد 14 نوفمبر 1975