كتابنا

المنمطون / محمد افو

في هذه البلاد ( موريتانيا ) يعتقد البعض أن التيه ليس سوى ما يراه غيره .
دعونا نلقي نظرة ….
النمط الأول : قوميون لم يسمعوا عن مقولات ميشيل عفلق ( العقل المؤسس للبعث العربي ) في الديمقراطية وصيانة الحريات والاخلاص في بناء التعليم والاستقلال الذاتي والامة الحرة والمنتجة والمتعلمة ، بينما يتابعون بتأمل الغزال المختول هزائم وفظائع دكتاتوريي البعث أصحاب الشوارب الكثيفة واللحى الحليقة وعنترياتهم في وجه الضعيف قبل القوي ، ولايرون على التلفزيون العراقي أكثر من القائد المعظم وهو يحمل بندقية ” فوهتها للسماء ” رغم ان ذات التلفزيون كان يبث في نهاية ذات النشرة خبر الاعدامات شنقا ورميا بالرصاص ، كان يبث قطع الاذرع والايادي بأدوات غير حادة مسبوقة باعلانات التخوين ، كان يبث صور اطفال في احضان أمهاتهم وهم يلفظون انفاسهم سويا من الغازات الكيماوية .
تباهى هؤلاء بنقل الشكل وتمجيد الاسوأ فحلقوا لحاهم وأوردوا شورابهم مظمأها قبل شفاهم ، وفضلوا شوارب الطغاة المهملة على شارب ميشيل عفلق الحليق .

النمط الثاني : قوم بلحى طويلة وشوراب حليقة ، أخذوا من الدين تقصير الثوب وتحمير اللحى وتعدد الزوجات والمسواك بينما كانوا كسالك لطريق خير يبغي شرا .
فتكالبوا على التحزب والسياسة ومراكنة الحاكم ومحاباة البطانة فتملقوا على موائد الأغنياء واعترضوا الصدقات والزكوات ، فحالوا بين الحق وحقيقهِ وبين اليد العليا والسفلى فذهب اهل الدثور بأجورهم وباء الوسيط بالأثم ومنعت الزكاة من غير صاحِبِها صاحبَها .
يغمضون العين عن الرحمة والانفتاح والعالمية والتحضر السلوكي والفكري في الاسلام بينما يفتحون الأخرى ملء حوضها على الكراهية والعنف والقتل والتدمير وحرق الأحياء وإغراقهم .

النمط الثالث : الاسلاميون ، قوم بين ذلك بلحى وشوارب شائكة يكاد طلعها يبين ،يلبسون البذل الرسمية على طريقة اسماعيل هنية وخالد مشعل الذين يلبسونها بدورهم على الطريقة الايرانية (بلا كرفتات) يتحدثون دعوةً ويتصرفون سياسة يصدق عليهم ما يدعون ( الوسطيون ) ، وسطيون جدا ويمارسون لعبة المحامد ( يتشبهون بكل احد ، ليبراليون وعلمانيون وسلفيون وجهاديون ..)
نظروا للسياسة والدين نظرتهم للتجارة ( توفير كل الاصناف لكل الاذواق )
يبايعون بعضهم كما يبايع المسافرون أمراء الطوائف.
يفتون بجواز القتل تقربا لحليف السر ،ويفتون بجواز الموسيقى توددا لجيل الوعي .
يمخرون عباب الفرق بين العبد والحر في الامامة والولاية والقضاء العورة والنكاح والميراث في دروس مريديهم ، بينما يلوون ظهورهم مستنجدين بخطاب الحرية والمساوات .
ينكرون الحدود الواردة في نص الكتاب الله ويطالبون بالخلافة في ارض الله .
لا لون لهم ولا قاعدة .

النمط الرابع : يساريون يتحدثون بقاموس لاتيني يدبلج صوتيا ثورة أمريكا اللاتينية واليسار الثوري .
يهتمون بباولو كويلو بينما لايعرفون نجيب محفوظ ، وتتسع مخيلاتهم لعظمة العبد الروماني سبارتاكوس بينما يتخيلون عمر بن الخطاب رجلا بدويا بجلباب درويشي لايليق به لقب فارس .
يشغلهم عدد جواري هارون الرشيد بينما يمرون بأنس على العظيم يوليوس سيزر وهو يترنح تحت خلاخل غوانيه .
في نظرهم يدمن حكام الخليج كراسيهم ويورث القادة العرب الحكم لأبنائهم بينما يظل العظيم فيدال كاسترو خارج التصنيف .
يتهمون السلفي باختزال الوعي في فقه النكاح والنكاح ، بينما تشحن اطروحاتهم وكتاباتهم بالغواني الفاتنات والخمر والحشيش والسيجار والتمني على التاريخ أن لو جعل انواكشوط ريو دجنيرو أو ساوباولو ، تكتظ شوارعها باللحم البرونزي والارداف المكورة .
ضاقت بهم أسماء الله التسعة والتسعون لتحل الالهة محل الله ( على الطريقة الاغريقية ) ،يدفن أحدهم في مقبرة انواكشوط وهناك ” يرقد بسلام ” بينما يترحمون بالطريقة الاسلامية على ميت مسيحي ( المعاكسة ).
تسمعهم كانك تنصت لمسلسل مكسيكي مدبلج .
يمجدون النهضة الاوروبية والغربية بينما يتحدثون عن وحشية الرأسمالية الليبرالية .

ماذا يحصل إذا ؟
يشترك الكل في استيراد الأيقونات الشكلية ( قصات ، ملابس ، قواميس ، رغبات )
بينما تموت المثل والافكار والفلسفات التي أصل لها منظروا كل تلك التيارات .
وتراشق الكل بأقنعتهم المستوردة ، واختلقوا الخلافات وشقوا وحدة المجتمع الموريتاني كل بطريقته ،.
فكانوا دمى وأنماطا وهياكل فارغة من المعنى مطلية بالشكل .

وبقي الوطن الموريتاني عاريا في وجه التاريخ ، تتشظى هويته تحت الشوارب واللحى والسجائر والقبعات .
عروبي يدك معوله بين العربي والزنجي
واسلامي يدك معوله في هوية التدين الصحراوي المالكي المتسامح .
والسلفي الذي يطحن المالكي بالحنبلي فيهدم هذا ويجرح ذاك .
واليساري الناقم على كل الموروث الذي يصبغ المقدس بالاسطورة ويكفر بالتاريخ ويعتبر الموروث الديني والثقافي اختراع بشري ( هرم ماركس ).

سادتي الكرام
هذا البلد يحتاج لجيل من الموريتانين يبكي بدمعنا ويحترق بشمسنا ، جيل يصمم تجربة موريتانية خالصة ترتكز على الثقافة والموروث الموريتاني
تجربة يبعثها ألم حراطين آدوابة والبداة الرعاة وسكان المدن المحاصرين برهق العيش.
جيل لا لون له ولا نسب ولا جهة ولا قبيلة ولا قوم .
نحتاج لصياغة الرؤية الموريتانية الحديثة ، للنهوض ببلد ينتكس ويرتكس في محيط اقليمي ينمو بوتيرة متصاعدة

.
نحن لا نحتاج شواربكم ولا لحاكم ولا قبعاتكم ولا قواميسكم .
مانحتاجه اليوم هو وعي متحرر من ثقافة وسياسة ووعي المنمطين ، مكبات نفايات العالم من الافكار الفاشلة .

دعونا نعيد تعريف منطلقاتنا وأسس رؤيتنا بعيدا عن معاول عبدة الأصنام والأشكال .

ومن باب اراي “الخال” أدعوكم للالتحاق ب”المشروع الوطني”.

محمد افو

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى