كتابنا

مراقص الشيطان/ محمد أفو

 نحن في المشروع الوطني لسنا قوميين ولا يساريين ولا علمانيين ولا إسلاميين . نحن موريتانيون … أدرك أن ذلك التعريف لم يتخمر في أذهان الغالبية منكم . لكنه تعريف أكبر وأشمل وأنقى من كل ما مر بكم من تيارات . إنه تعريف بهوية دينية ومذهبية وقومية ، وهو إلى ذلك ثري بما يكفي ليكون مدرسة ولونا وفلسفة . نحن شعب عظيم ، تكالبت على ذاكرته معاول التصنيف الفكري والتمييز العرقي . أتينا إلى المدنية ببراءة البدو وشخصت آمالنا على من نفضنا على تعليمهم غبار جيوبنا . فجالت بهم عصى الإنتجاع الفكري والعقدي ، فاستقبلناهم مسوخا ،تغيرت أسماؤهم وهيئاتهم واستعمرتهم الكنى والألقاب . فضاق وعيهم بالصحراء ، وأدركهم العجز قبل التكليف . فتركو الإحمرار والبليم والرسالة واحتطبوا فقها دون الحطاب واختلوا خلة غير الخليل . واستفحصوا ورشا ودفنوا الجنيد وسلكوا طريقا غير السالك . يتذكر أغلبكم يوم قدومه للعاصمة ، حين كان مسلما زمام رأيه لقريب سبقه للمدينة . ذلك ما فعلوا بنا .. كنا رغم بداهة وعينا وفطرية سلوكنا ، ننتظر من العائدين وطنا . فإذا بنا نفقد ذاتنا كما يفقد الماء نفسه وهو يغلي . ما يحدث اليوم ، هو أن البدوي الساذج ، تعلم في جامعة وطنية ، واستعصى وعيه على مخاتل التدجين ولم يطأ شرك الأيديولوجيا . ما يحدث اليوم هو أننا اكتشفنا حقل الألغام الذي فتك بوعينا كشعب ، وهويتنا كأمة . مانقوله اليوم ، هو كلمة جيل بأكمله ، خرج حاملا خارطة أحلامه وما يمتلك من مناجل ومعاول . هذه الأرض ليست مرقصا للشياطين ومن أراد أن يعبد أرباب الصراع في العالم فهذه كعبة الموريتانيين ولا ولن يتسع فضاؤها بعد اليوم لعبادة الأوثان . سلام على من حملوا دينهم تحت لهيب الحارقة . ماعبدوا غير الله ، ولا استنوا محجة غير محجته . وسلام على أبناء الموريتانيات أصحاب الكواهل والمتون . أنتم لها ، وهي لكم وما حوله سفراء الأيديولوجيا مرقصا للصراع ، كان في الأصل محظرة. سنحتطب عيدانها وألواحها وأقلامها ، ومنها سنقيم دولتنا ، ونخدم شعبنا . والعون من ربه لا من أرباب العجز والهوان .

محمد افو

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى